قبل أن أشارككم أحداث هذا اليوم، من المهم أن أضعكم في سياق بعض أحداثه.
قبل قدومي لاسطنبول بحوالي ستة أيام، سألني صديقي حمزة: "أين ستقيم؟"، أجبته بأنني لم أبحث بعد عن فندق. فاقترح أن أنزل عند أحمت، شاب تركي يكتري غرفة من شقته الواقعة في الجانب الآسيوي، بموقع Airbnb، وقد سبق لحمزة أن تعامل معه.
سأله إن كانت الغرفة متاحة، فرد عليه أحمت، أنها غير شاغرة حاليا، لكنه رحب بي بالمجان في غرفة الجلوس. أحببت فكرة، أن أمكث عند أهل البلد، وأن أقبل دعوته (رغم أني عازم على أداء مستحقات المبيت).
كلفت أمي بشراء هدية تقليدية له، غندورة وبلغة.
لما التحقت باسطنبول، وجدته جهز لي غرفةً، ونام هو في غرفة الجلوس.
كان بشوشا ولطيفا ومرحبا ودقيقا في أجوبته ونعته.
في جلسة معه بعدها، سألني عن الوجهة بعد اسطنبول، وقلت له أني لا أعلم بعد، وأنني أفضل ألا أخطط إلا ليومين أو ثلاثة أيام لاحقة، ما بعدها، أترك الرياح تقود السفن، رد علي: هذه سياحة مرفهة، أن لا يكون لك برنامج، فهو البذخ بعينه، ضحكنا ومررنا لموضوع آخر.
بعدها بيوم، أرسلت له على الواتساپ أسأله، عن مستحقات المبيت للثلاثة أيام الماضية، واستأذنته في إضافة من يومين إلى أسبوع (بمقابل أكيد). كان جوابه: "مرحبا بك، وامكث في المنزل مدة ما تشاء، أود أن أقدّم الغرفة مجانًا لمسافر بلا خطط". شكرته على كرمه ودعوته، وكعرفان ورد جميل، قلت له أنه مدعو هو وشريكتنا في السكن وأصدقاؤه إن أراد دعوتهم لطبق طنجية مغربي من إعدادي.
فاقترح علي أيضا أن أدعو صديقي مهند ومريم للعشاء إن أردت.
بعدها اتصلت بوالدتي لترشدني لكيفية إعداد الطنجية في طنجرة الضغط.
الآن نعود لسرد أغوار اليوم.
اليوم، وعلى خلاف سابقيه، كان هادئا "نوعا ما"، استيقظت، خرجت، اشتريت الماء عند صديقتي، وتوجهت للجانب الأوروبي لزيارة قصر السلطان.
تعرضت لمحاولة نصب خرجت منها سالما، قصدت شباك بيع التذاكر على أن لا تتجاوز التذكرة مثلا 800 ليرة تركية كأبعد تقدير (200 درهم مغربي تقريبا). فإذا بي أجدها 2400 ليرة 🤯 قلت للبائع، هات التذكرة، وبدأت أعد النقود لأعطيه، من حُسن حظي وجدت عندي نقدا 2200 ليرة فقط، وهم لا يقبلون الدفع بالأورو وكان عندي مشكل في الدفع بالبطاقة، فقلت له يجب أن أصرف لليرة، لما انصرفت للتصريف، تساءلت، أقصر السلطان مهما علا شأن السلطان، يستحق هذا الثمن؟ فعدلت عن التصريف وعن زيارة السلطان.
قصدت كاراكوي، لأتذوق أشهى سندويش سمك في العالم. كانت الساعة تقريبا 11:30، لم يجهز بعد السمك. فأكلت "كامپير"، بطاطس مسلوقة غُرز فيها خليط من المكونات، لم تكن مُبهرة على أية حال.
في طريق عودتي للمنزل، وقبل أن أصل بكيلومتر تقريبا، تعطل بنا الباص، ثم استوقف لنا السائق باصا آخر.
في نفس اليوم، كنت على موعد مع كوستادينكا عشيةً، لترافقني للتسوق، لأجل طبق العشاء الذي أوردت ظروفه أعلاه.
دخلت الواتساپ لأرسل لها لائحة المشتريات التي سنحتاج، فوجدت هذه الفقرة في خانة info الخاصة بها:
Хей душа, ако нещо те тревожи, това е за добро. Не се терзай! Ако винаги беше лято, сльнцето щеше да изгори градините.
تملكني الفضول لأعرف ما كتب، ترجمتها، شعرت أنها رسالة لي، أتت في وقتها.
قبل خروجنا بساعتين تقريبا، غيرت جميع مخططات الطبخ، لأن عناصر أساسية لنجاح الوصفة لم تكن متوفرة في اسطنبول ومطبخ أحمت.
خرجنا واشتريت مقادير لصنع طبق آسيوي، مع لمسة مغربية، تجلت في سلطة الطماطم البصل (ماطيشة والبصلة).
التحق الجميع موعد العشاء، مهند ومريم وكوستادينكا وأحمت وأنا، تعشى الأصدقاء بالتوازي مع نقاشات محتدمة حد التناقض مرات. رجعت الأطباق فارغة للمطبخ، أحسست بالانتشاء لنجاح العشاء الأخير.
وقبل أن يتوجه كل لمرقده، أخبرني أحمت أنه سيقلني للمحطة صباحا لأقصد وِجهتي القادمة.
ملاحطة: صِيغ تقرير اليوم الخامس، في اليوم الثاني عشر.