استهللت يومي بفطور شمالي بمدينة تطوان، جلس على طاولتي رجل ستينيٌ غالب الظن أنه بلا مأوى، أخذ قارورة الماء خاصتي وفتحها وبدون استئذان بدأ يشرب، بعدها نظر إلي وقال: شي كاس داتاي، طلبته له، سألته عن اسمه، فرد علي بسؤال: شنو سميتك انت، أجبت، وانتهى الحوار.
بعدها شددت الرحال لمارتيل لأتشرف بلقاء ماتع مع صديق وواحد من أهم متابعي َّومشجعيَّ في الجولة، سيدي مصطفى أطال الله عمره، وابنه أسامة وصديقه حسن حفطهما الله.
تحدثنا عن الجولة والدراجات وأسامة وتجارب مشتركة مع مصطفى وكرم أهل الريف.
التحقت بالنُّزل الذي حجزت فيه والذي يتواجد بالمدينة العتيقة لتطوان، جميل، أنيق، نظيف، يطل على سطوح تطوان وجبالها، لكنه غريب، غرابته تتجلى في مرافقه الصحية، المراحيض بابها من زجاج ضبابي يا جماعة، والحمامات، الحمامات يا سادة ليس لها باب 😁 اللهم ساتر من البلاستيك.
استعملتهما معا (المرحاض والحمام) مستحضرا العقد الأخلاقي (le contrat moral) الذي بيني وبين باقي النزلاء، مرت التجربة بسلام.
ارتحت قليلا وخرجت لأكتشف المكان، صادف أن المأوى يبعد 100متر عن متحف باب العقلة، دخلت المتحف، وجدت حارس أمن مكلفا ببيع التذاكر، سألته عن الثمن، فقال 30 درهم، أخرجت محفظة النقود، سألني الحارس الثاني، إن كنت أستاذا، أجبت فبشرني أنني أستطيع الدخول مجانا.
بدأت جولتي في المكان، ليلعب رشيد دور المرشد السياحي فيها، رشيد هو حارس الأمن الثاني، رشيد ثقافته واسعة في كل ما يخص معروضات المتحف ومزارات المدينة، سألني عن مادة التدريس خاصتي، ليبشرني أنه كان نبيها في مادة الرياضيات وكان لا يقبل بأقل من النقطة الكاملة، لم يكمل دراسته ليلتحق بسوق الشغل وليتيح لإخوته أن لا يلقو نفس مصيره، رشيد نجح في مهمته، جميع إخوته درسو ونجحو مهنيا وربما حياتيا، رشيد أتاح لي فرصة استثنائية، حيث مكن لي من زيارة أماكن داخل المتحف لا تتاح عادةً للعموم، ولرد جميله وشكره على جولته، التقط له صورا من مقر عمله وأرسلتها له، سعِد صديقي بها فما كان مني إلا أن سعدت لسعادته.
تمشيت في الدروب والأزقة التي سحرتني بجمالها، والتقط صورا، كثيرا من الصور للمعمار والناس والشمس وانعكاسها.
وأنا منغمس في هذا العمل، انزلقت رجلي فطقطقت ركبتي وشعرت بألم رهيب يفوق ما كنت أعانيه قبل ذلك جراء حصص الجري، مشيت وأنا أعرج إلى أن استقر بي المقام في مقهى، جلست في مكان يحده يمينا كرسي ثم زبون ثم باب المقهى، ويسارا، صفيحة پليكسيگلاص تحد بيني وبين بائع سجائر، بدأت أجرد صور اليوم، وأخط الجمل الأولى من هذا السرد، لتبدأ دندنة البائع على يساري وألحقه مع أغنية أم كلثوم البديعة: ألف ليلة وليلة.
*****
أصدقائي الأعزاء، آراؤكم، تساؤلاتكم، وتشجيعاتكم واقتراحاتكم محل تقدير كبير، وأتشرف بها. لا تترددوا في مشاركتها معي في التعليقات.