اليوم الأول - جولة 2025 - إسطنبول

أضيف بتاريخ 07/24/2025
محمد توفيق المغازلي

نمت الليلة قبلها في الساعة 2:30 صباحًا بتوقيت البلد بعد أن قدمت من المطار، ثم استيقظت على منبه الهاتف تمامًا عند 7:30. التقيت بمضيفي أحمد (Ahmet)، وهو صديق صديقي حمزة، شاب تركي طيب رحب بي وشرح لي بعض قواعد الدار.

خرجت من المنزل دون وجهة محددة، فقط أتبع حدسي وخطواتي. ثم قررت أن أتوجه إلى الجانب الأوروبي من المدينة، لأن مُقامي هذه الأيام في الجانب الآسيوي منها. بحثت عن وجهة في الجانب المقابل على تطبيق Google Maps، فاقترح عليّ استقلال حافلة رقم 12A التي ستقلني إلى منطقة Üsküdar.

ركبت الحافلة وحاولت دفع أجرة الرحلة بهاتفي عبر وضعه على الماسح، وسمعت صوتًا يدل على إتمام الدفع. لكن، في منتصف الرحلة، جاءني إشعار يفيد بأن الدفع لم يتم! بدأت يومي بسرقة موصوفة. نزلت في المحطة وذهبت أبحث عن مكان لشراء بطاقة Istanbulkart، وكان ذلك بعد أن استعنت بالذكاء الاصطناعي للترجمة.

سألت بائعًا في عربة بعد أن اشتريت رغيفًا، عن المركب الذي سأركبه لعبور البوسفور. تدخلت سيدة  على الخط وسألتني بالإنجليزية عمّا أريد، وأرشدتني بلطف.

نزلت من القارب الضخم، الذي أظن أنه يسع بين 250 و300 راكب، دون وجهة كما العادة. تمشيت كثيرًا في سوق معدات الصيانة وأدوات البناء. أمامي مائدة صغيرة في محل لا تتجاوز مساحته 3 أمتار مربعة، في سوق للحرفيين يشبه “الفندق”.

رجل ستيني أبيض البشرة والشعر، مظهره وقور بهندام محترم مكوّن من سروال وقميص مكوي جيدًا. سألته على استحياء بلغة إنجليزية ركيكة: هل تقدمون الشاي التركي؟ أجابني بحروف مبعثرة. بدأت أصف له ما أريد بحركات وكلمات من هنا وهناك، ثم طلبت أخيرًا كأس قهوة بلا سكر. جلس على مائدتي (لأنها الوحيدة) حوالي 7 عمال من السوق، شنّفوا مسامعي بلغتهم وقهقهاتهم. أنهيت كأسي وأكملت المسير.

أمامي برج غلطة، ذهبت إلى المدخل وسألت أحد العاملين عن التذاكر. دلني على مكان الشراء: 30 يورو لزيارة البرج، و105 يورو صالحة لأسبوع لزيارة جميع مزارات إسطنبول، و165 يورو صالحة لأسبوعين لجميع مزارات تركيا.

وقفت محتارًا بين العروض، غير متأكد من برنامجي في الغد. انسحبت واكتفيت بتصوير البرج من الخارج.

ثم، ولدقائق، تطايرت في رأسي أفكار كثيرة… لماذا أنا هنا؟ ولماذا لا أشعر بدهشة البدايات؟ كأن الجولة هذه المرة تفتقد لمعناها الأول… لكن شيئًا فشيئًا، بدأت نفسي التواقة للاستكشاف تستيقظ من جديد، تلتقط التفاصيل الصغيرة، وتعيد نسج الدهشة على مهل.

تمشيت في السوق المصري، ودخلت مسجد “رستم باشا”. بعد أن مدني أحد العاملين “تنورة” أستر بها عورتي، كان لقائي بالأقواس، القباب، الزليج، الزخارف، المنبر، السجاد، النوافذ، أسماء الصحابة، والثريات المتدلية من سقف بيني وبينه سماء… مدهشًا، فوق الوصف!

قصدت شاحنة للتبرع بالدم، تم رفضي لأني سائح.

دخلت بعدها "الجامع الجديد"، جامع أكبر وأجمل وأفخم من سابقه، انبهرت مرة أخرى.

أثارني بعد صلاة الظهر فيه دعاء الإمام للمسلمين في: فلسطين، غزة، اليمن، تركستان، سوريا، السودان، كشمير، بورما، نيانمار، وأراكان. وفي تأمل لطيف بعدها، خُيّل إليّ أن ما يحدد مَن ندعو لهم في خطبنا وجُمَعنا (في بلدنا)، في سرّنا وجهرنا، ليس دائمًا مَن هو أولى بالدعاء، بل مَن تتحدث عنه الآلة الإعلامية أكثر، ومَن تسوّق لجديده.
وكأن الدعاء نفسه صار يمرّ عبر قنوات التغطية والبروباغاندا الإعلامية.

بعد زيارتيَّ السابقتين لمساجد اسطنبول، لم يكن لي خيار سوى أن أقدّر وأحترم حضارةً أبدع شعبها هذا القدر من البهاء والجمال.

مساءً، زرت مسجدا ثالثا، وتمشيت وارتشفت كأس شاي بالجهة الشرقية من المدينة على ضفاف البوسفور، رقص وفرح ومشاهدات إنسانية في الشارع.

بعد 31000 خطوة خطوتها في يوم مرثوني مهيب، دخلت البيت، وتبادلت أطراف الحديث مع رفيقة السكن Gostadinka.

بعدها التحقت بفراشي لأخط لكم تقرير اليوم 0.

ملاحظة: اليوم الأول يعود على يوم أمس، تقرير اليوم قد يكون ربما ربما 🫢 جاهزا ليلا أو غدا 🥲