كان يومي الحادي عشر هادئًا، بطيئًا، أترك الجسد يلتقط أنفاسه بعد مجهود الأيام العشرة الماضية. تمشيت في شوارع المدينة، خططت للأسبوع أمامي، تأملت وجوه المارة، وكتبت قليلًا.
في ذلك اليوم، لفتت انتباهي عربة تقاطعت معها أكثر من مرة، تحمل ملصقًا عليه وجه طفل ونص بالتركية. كانت تجلس بجانبها امرأة في الثلاثينيات، وبجانبها مكبر صوت يبث رسالة بنفس اللغة. غير بعيد، لافتة أخرى بنفس صورة الطفل ونفس الكلمات.
ترجمت المكتوب، فكان الآتي:
"أغلق عينيك لمدة 5 ثوانٍ، وضع نفسك مكاننا.
لو كنت أنت، ماذا كنت ستفعل من أجل ابنك؟
لست متسولة..! أريد فقط أن أُبقي طفلي على قيد الحياة…
كن شعاع أمل لطفلي “فرات مِيراج” المصاب بمرض ضمور العضلات (DMD)"
وقفت للحظات أراقب المرأة. شعرت بأنها ألغت نفسها وحياتها، ولم يعد لها هدف سوى إطالة أيام طفلها، مهما كلفها الأمر.
ورغم أن قلبي مال إليها، تسلّل إليّ سؤال قاسٍ، ربما شرير، لكنه واقعي:
لو رحل هذا الطفل، ألن يكون ذلك راحة له.. وراحة لها!