الأصدقاء، أرجو أن تكونوا بخير. الأسطر التالية هي بوح لم يسألني عنه أحد، لكنني شعرت برغبة في مشاركته معكم.
امتنعت عن إبداء رأيي على مواقع التواصل منذ سنوات لسببين أساسيين. أولهما، قناعتي بأنه ليس من الضروري أن يكون لي موقف تجاه كل ما يستجد في هذا العالم، إذ مهما بلغت معرفتي بموضوع معين، فلن أتمكن من الإحاطة بجميع القضايا. ثم من أنا لأتحدث ويكون لي رأي في كل شيء؟
أما السبب الثاني، فهو أنني لا أملك شرعية الحديث عن بؤس هذا العالم وأنا الغارق في النعم. أشعر أن الإدلاء برأي من موقع مريح حول معاناة الآخرين قد يكون في ذاته نوعًا من الترف الفكري، وهو خال من أي مصداقية.
لذلك، يستفزني بشدة إفتاء البعض فيما يقع في غزة، وتحديدهم لما يجب أن يفعله أهلها، وكيف عليهم أن يتعاملوا مع الحرب، وما هو الموقف "الصحيح" من المقاومة، بل ويفرضون عليهم أن يكونوا صامدين، مدافعين عن ثغور "الأمة"، وكأنهم ليسوا أصحاب القرار في مصيرهم وكأن معاناتهم تحتاج إلى تنظير خارجي.
أحيانًا، الصمت أكثر صدقًا من إبداء رأي لم يُطلب، خصوصًا حين يكون الرأي صادرًا عن شخص لا يشارك واقع من يتحدث عنهم. ليس كل حدث يحتاج إلى موقف، وليس كل رأي نمتلكه يستحق أن يُقال.
دوزو بخير أصدقائي